فى الأصل كانت القبيلة هى الوطن الذى يجمع أبناءها على أساس رابطة الدم،
وعندما نزلت الأديان على أوطان القبائل آمن بها من آمن، وصبأ من صبأ دون
حساسية أو عقاب من شيخ القبيلة، وعندما تجمعت القبائل تحت راية الدولة
الوطنية كانت إدارتها تتم على أساس التوازن بين المنافع والمصالح المشتركة
دون مرجعية دينية من أى نوع، بل كانت الأعراف والتقاليد المتوارثة من قبل
الأديان هى المرجعية.
ولم تخرج مصر فى تاريخها عن هذا التطور شأن بلاد الدنيا، فقد تعددت فيها
الأديان دون حروب دينية أو مذهبية، وظلت التقاليد والأعراف هى المرجعية
السائدة دون تمييز دينى ودون دستور يحدد المسموح والمحظور، فنالت الاحترام
والتقدير من المراقبين، وأمامنا ثلاث شهادات رسمية لأجانب عن وضع الأقباط
فى مصر زمن حكم محمد على باشا: أولها تقرير فى يوليو 1837 رفعه لحكومته
دوهاميل، القنصل العام لروسيا، جاء فيه: «أما الأقباط الذين ظلوا على دينهم
فيكادون جميعا يشتغلون فى كل المصالح، كتبة ومحاسبون، ومنهم من تفرغ
للزراعة واندمجوا فى لغة الفاتحين (العربية)..»، والشهادة الثانية ما أورده
جون بورنج، مبعوث الخارجية البريطانية لمصر، فى تقريره بتاريخ مارس 1839،
جاء فيه: «.. ليس هناك من يتعرض لأقل مضايقة بسبب عقيدته الدينية، ويؤدى
الأقباط شعائرهم الدينية فى حرية تامة، ولا فرق بينهم وبين المسلمين فى
أسلوب الحياة المنزلية، فالحجاب مضروب على نسائهم كما هو مضروب على نساء
المسلمين..»، وثالث هذه الشهادات جاءت فى تقرير اللورد باتريك كامبل إلى
الخارجية البريطانية فى يوليو 1840، حيث قال: «إن الأقباط يشغلون مناصب فى
خدمة الباشا، ويؤدى لهم الحرس ومن إليهم نفس ما يؤدونه من تحية وتبجيل
لنظرائهم الأتراك.. والحقيقة أنه لا يوجد بلد أكثر تسامحا من مصر..».
وفى عام 1855 (عهد سعيد باشا) تم إلغاء ضريبة الجزية المفروضة على أهل
الذمة، وصدر قرار بتجنيدهم فى الجيش، وتبرع الخديو إسماعيل للبطريركية
القبطية ببعض التفاتيش الزراعية لتنفق منها على تثقيف رجال الكنيسة، وأمر
ممثلى الحكومة فى الأقاليم باستقبال البطريرك عند طوافه بالبلاد استقبالا
لائقا، وفى عهد الخديو توفيق صدر فى أغسطس 1880 قانون القرعة العسكرية
بتكليف كل مصرى بالخدمة العسكرية بدون تمييز دينى أو اجتماعى وإعفاء رجال
الدين المسلمين والأقباط من التجنيد.
ولكن ومع الاحتلال البريطانى لمصر (1882) بدأ الإنجليز يمارسون لعبة
الطائفية التى مارسوها فى الهند، وأدت أغراضها فى الصراع الطائفى، فأخذت
الفرقة تدب فى الصفوف، وأخذ الانتماء إلى الوطن يتهاوى ويعلو عليه الانتماء
إلى العقيدة.
ومن عجب أنه عندما حان الوقت لوضع دستور فى أعقاب ثورة 1919 وبعد هذا
التاريخ الطويل من الاحتكام للأعراف والتقاليد اقترح الشيخ محمد بخيت، مفتى
الديار المصرية وعضو اللجنة، أن يتضمن الدستور مادة تنص على أن الإسلام
دين الدولة، ومن ثم بدأت الطائفية فى مصر تطل برأسها فى ظل الدستور،
والشواهد كثيرة، ثم سعت ثورة يوليو 1952 لإعادة التماسك الوطنى، فألغت
المحاكم الشرعية والمجالس الملية (سبتمبر 1955)، كما تم تخفيف الشروط
العشرة لبناء الكنائس التى تقررت فى 1934 حين وافق جمال عبدالناصر على طلب
البابا كيرلس ببناء 25 كنيسة سنويا يحدد البطريرك أماكنها، ولم تقع حوادث
طائفية آنذاك، ثم انقلب الموقف رأسا على عقب مع حكم السادات وخليفته مبارك
ابتداء من النص فى دستور 1971 على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى
للتشريع (المادة الثانية).
وبعد ثورة يناير تجدد الجدل، حيث أعلن الإسلاميون أن المادة الثانية خط
أحمر، وهو ما أخاف كل القوى السياسية وجعل كل من يتقدم بمشروع لدستور جديد
يقف مترنحا أمام هذه المادة، الأمر الذى يوحى بالإصرار على بقاء مناخ
الطائفية فى حماية الدساتير منذ 1923، على حين كان المصريون قبل تلك
الدساتير يعيشون فى وئام وسلام بشهادة المراقبين الأجانب كما رأينا.
إن الدستور الذى يوضع على أساس أية شبهة طائفية دينية من شأنه أن يرجع بمصر
إلى زمن الاحتلال البريطانى وإلى أيام السادات - مبارك.. فهل يكون الدستور
أداة للرقى الاجتماعى والسياسى أم يصبح مبررا للانحيازات الطائفية؟
!
vendredi 2 septembre 2011
التجربة الإسلامية فى بناء الدولة
أسفر الخطاب النهضوى العربى الصنع عن العديد من الاتجاهات والتيارات التى
لا تزال تقف حائرة أمام جدلية التعانق بين الدينى والسياسى، وهذه الجدلية
هى التى أفرزت لنا خطابات لغوية متباينة ومتنافرة يسير كل منها فى اتجاه
مغاير، تتلخص أغلبها فى مواضعات محددة مثل التبعية، والابتداع، والغفوة،
والتأخر، والتقليد، ومفاهيم الحرية والديمقراطية والشورى والعدالة
الاجتماعية، وغيرها من المواضعات التى تزيد من الهوة السحيقة فى اللقاء
الحتمى الدين والسياسة.
ورغم أن فكرة التنوير ليست بجديدة على الخطاب العربى، بل لها مهاد تاريخى ضارب فى القدم، إلا أن معظم المنظرين العرب لا يزالون يسعون لاقتناص لحظة مقاربة بين الدينى والسياسى، والحق أن هذه اللحظة قد تحققت منذ ما يزيد على ألف سنة تقريباً، حينما مكث النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) فى المدينة المنورة، واستطاع أن يؤسس دولة فى صورتها الأولية، هذه الدولة البسيطة فى أنظمتها ومؤسساتها هى التى سمحت ولأول مرة فى تاريخنا العربى للتعايش بين الدينى والسياسى.
وهذا ما يؤكده مؤرخو العصر الحاضر، بأنه تحقق التعايش الحتمى بين الدين والسياسة فى حضارتنا العربية مع وجود خصوصية فريدة، وهى أن الدين لم يسبق السياسة، والسياسة وقتها لم تسبق الدين، لذا حدث التلاحم بينما بصورة طبيعية دون خطب أو لغط.
وبينما يصطدم المعاصرون بفكرة عدم التعايش بين الدينى والسياسى هذه الأيام لكثرة المصطلحات المتنافرة بين الاتجاهين، نرى أن التأسيس الأول للدولة فى الإسلام على يد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) كان منوطاً بالنجاح؛ فالبيئة العربية حينئذ كانت مهيأة تماماً لقبول كيان سياسى ذى طبيعة مغايرة غير تلك التى ألفوها وقت عبادة الأصنام، حيث القوانين عرفية تتغير وتتبدل وسط قلق مستمر من اللصوص وقطاع الطرق، وارتباط السيادة السياسية بالنفوذ الاقتصادى والتجارى مع عدم إغفال المكانة الدينية.
وأكاد أجزم بأن فكرة التنوير التى راح المتشدقون بها فى القرن التاسع عشر الميلادى لم تكن وليدة هذا العصر، بل استطاع الإسلام، وهو يؤسس كياناً سياسياً فى المدينة، أن يقدم مهاداً صالحاً لفكرة التعانق بين الدينى والسياسى، هذا التعانق حققه القرآن الكريم بتعاليمه السامية التى تناولت حقوق العدل مثل قوله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل" (النحل : 90)، وقوله تعالى: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" (النساء :58)، وأيضاً تعاليم الإسلام التى جاءت تحض على إعلاء مبدأ الشورى، يقول تعالى فى محكم التنزيل: "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى: 28).
كما جاء القرآن الكريم بقاعدة فى غاية الأهمية، وهى ضابط العلاقة مع الآخر وقت السلم والحرب، يقول تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأؤلئك هم الظالمون" (الممتحنة :8،9). هذا بخلاف ما أورده القرآن الكريم فى ضرورة الامتثال عند تنفيذ الأحكام والقضاء بقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" (النساء 59).
وامتاز الكيان المؤسسى فى دولة الإسلام بالمدينة أنها أعلت شأن العقل والعناية بالعلم والبحث، والحض على القراءة والمعرفة تلك المبادئ التى ينادى بها السياسيون، من خلال الإشارة إلى ما جاء فى القرآن الكريم من العناية بالعقل والتفكير، يقول تعالى: ن. والقلم وما يسطرون (القلم ـ 1) كما قرن الله سبحانه وتعالى أهل العلم به وملائكته، يقول تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (آل عمران ـ 18).
القرآن الكريم وهو دستور الكيان السياسى فى هذه المرحلة ـ دولة المدينة المنورة ـ جاء ليؤكد أهمية مناهج الاستدلال العقلى التى يتحدث عنها الخطاب النهضوى المعاصر، وهو دستور يدعو إلى التفكير والتأمل، والقرآن الكريم يحث المؤمن على استعمال العقل إلى أقصى حد مستطاع، ويشيد بمن يستعمله، ويعمل فكره فى النظر والتدبر، واستخلاص البراهين والنتائج من المعلومات التى تتوافر لديه من الأمور الدينية والدنيوية. يقول الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب (ص ـ 29)، ويقول تعالى: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (العنكبوت ـ 43).
كل هذه التعاليم الدينية التى جاء بها القرآن وافقت الرؤى السياسية لدى أبناء البيئة العربية المتشوقة للحرية وإعلاء العقل، والناقمة على الفقر والجهل والوثنية، والرق، والظلم الطائفى والتمييز القائم على الاقتصاد، لذا من الصعوبة أن يتتبع باحث ما أية حركات مناهضة إزاء هذا الكيان الإسلامى بالمدينة، اللهم ما أثاره الكفار واليهود من قلاقل وفتن ومشكلات تتعلق بمركزهم الاقتصادى والتجارى، رغم أن الإسلام أقرّ قاعدة فضلى وهى الجمع بين العبادة والعمل، وهى قرينة أساسية فى أى كيان سياسى ناجح، حيث جاءت الدعوة إلى السعى والعمل مقرونة بالصلاة، فبعد أداء الصلاة وهى الجانب الروحى يجب على المسلم السعى إلى عمله، وهو الجانب المادى، مما يحدث التوازن فى حياة الإنسان، يقول الله تعالى: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله (الجمعة ـ 10).
والمستقرئ للحظة التعانق بين الدينى والسياسى يلمح أن الدستور الدينى وهو القرآن الكريم استطاع أن يحقق كافة مطالب المنتمين إليه، فكما منح القرآن راحة النفس والطمأنينة للمتعبدين والقائمين والركع السجود وأنشأهم على الطاعة والقناعة، منح الطامحين سياسياً إلى الارتقاء والصعود السياسى، ولولا هذا ما كنا قد قرأنا عن اجتماع المسلمين فى سقيفة بنى ساعدة لتولية خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ورغم هذه التجربة الرائدة فى المزج بين الدينى والسياسى، إلا أنه لا يزال المنظرون والسياسيون يعقدون عزمهم على تحديد إجابة لسؤالهم الملح: من يسبق الآخر؟ وكأن لحظة السبق تلك هى التى ستمنح فرصة الأفضلية، أو بيان الدور الريادى لكلا الظاهرتين. و
تجربة الدولة فى الإسلام كانت أكثر من ناجحة ظهر ذلك من خلال وفاء الخلفاء الراشدين الأربعة بعملية التعانق والمزج بين السياسى والدينى دونما خلل، لذا لم نقرأ سطراً واحداً فى كتب التأريخ الإسلامى منذ بداية تكوين الكيان الإسلامى السياسى بالمدينة وحتى مقتل الإمام على بن أبى طالب (رضى الله عنه) عن أى حرج سياسى مصدره الدين الإسلامى، بل كان الإسلام وقتها باعثاً قوياً ومكيناً للتمكين والاستخلاف فى الأرض ومن ثم إعمارها.
لكن ما غاب عن بعض المنظرين السياسيين المعاصرين ورواد الخطاب النهضوى العربى أن لحظة السياسة ينبغى لها أن تسبق لحظة الدين، فهو فى نظر بعضهم يعنى النزوع وراء سطوة الحداثة ورفض التراث بجملته، وهذا مخالف تماماً لطبيعة الكلمة والدلالة. إلا أن النهضة والنهضوى والاستنهاض وكل الكلمات المنحوتة من لفظة نهض لا تعنى تقويض البناء القائم على التعليم الدينية مطلقاً، بل هى إشارة عميقة إلى هضم التراث وتناوله بالتحليل وجعله منطلقاً وقوياً للبناء والاستعلاء المستقبلى.
وفى خضم التصارع الفكرى فى الخطاب العربى النهضوى بين الدينى والسياسى، راح يبحث أنصار كل فئة عن الدور الريادى لكل منهما، وإثبات من الأقوى فى تشكيل هوية المواطن، لذا فرغ الشباب من الدين، وفرغت العقول من السياسة، لأنهم افتقروا إلى تواجد وتعايش سلمى بينهما، وصار الفرد يبحث عن رمز مطلق للسلطة الزمنية والروحية، متغافلين فى ذلك تاريخية الإسلام الذى جاء بقرآنه ليتفاعل مع السياسة، لذا فالسؤال الذى طرحناه مسبقاً: هل الدين والسياسة لحظتان متعاقبتان؟، الإجابة بالنفى فكلاهما لحظتان مترابطتان.
ورغم أن فكرة التنوير ليست بجديدة على الخطاب العربى، بل لها مهاد تاريخى ضارب فى القدم، إلا أن معظم المنظرين العرب لا يزالون يسعون لاقتناص لحظة مقاربة بين الدينى والسياسى، والحق أن هذه اللحظة قد تحققت منذ ما يزيد على ألف سنة تقريباً، حينما مكث النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) فى المدينة المنورة، واستطاع أن يؤسس دولة فى صورتها الأولية، هذه الدولة البسيطة فى أنظمتها ومؤسساتها هى التى سمحت ولأول مرة فى تاريخنا العربى للتعايش بين الدينى والسياسى.
وهذا ما يؤكده مؤرخو العصر الحاضر، بأنه تحقق التعايش الحتمى بين الدين والسياسة فى حضارتنا العربية مع وجود خصوصية فريدة، وهى أن الدين لم يسبق السياسة، والسياسة وقتها لم تسبق الدين، لذا حدث التلاحم بينما بصورة طبيعية دون خطب أو لغط.
وبينما يصطدم المعاصرون بفكرة عدم التعايش بين الدينى والسياسى هذه الأيام لكثرة المصطلحات المتنافرة بين الاتجاهين، نرى أن التأسيس الأول للدولة فى الإسلام على يد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) كان منوطاً بالنجاح؛ فالبيئة العربية حينئذ كانت مهيأة تماماً لقبول كيان سياسى ذى طبيعة مغايرة غير تلك التى ألفوها وقت عبادة الأصنام، حيث القوانين عرفية تتغير وتتبدل وسط قلق مستمر من اللصوص وقطاع الطرق، وارتباط السيادة السياسية بالنفوذ الاقتصادى والتجارى مع عدم إغفال المكانة الدينية.
وأكاد أجزم بأن فكرة التنوير التى راح المتشدقون بها فى القرن التاسع عشر الميلادى لم تكن وليدة هذا العصر، بل استطاع الإسلام، وهو يؤسس كياناً سياسياً فى المدينة، أن يقدم مهاداً صالحاً لفكرة التعانق بين الدينى والسياسى، هذا التعانق حققه القرآن الكريم بتعاليمه السامية التى تناولت حقوق العدل مثل قوله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل" (النحل : 90)، وقوله تعالى: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" (النساء :58)، وأيضاً تعاليم الإسلام التى جاءت تحض على إعلاء مبدأ الشورى، يقول تعالى فى محكم التنزيل: "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى: 28).
كما جاء القرآن الكريم بقاعدة فى غاية الأهمية، وهى ضابط العلاقة مع الآخر وقت السلم والحرب، يقول تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأؤلئك هم الظالمون" (الممتحنة :8،9). هذا بخلاف ما أورده القرآن الكريم فى ضرورة الامتثال عند تنفيذ الأحكام والقضاء بقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" (النساء 59).
وامتاز الكيان المؤسسى فى دولة الإسلام بالمدينة أنها أعلت شأن العقل والعناية بالعلم والبحث، والحض على القراءة والمعرفة تلك المبادئ التى ينادى بها السياسيون، من خلال الإشارة إلى ما جاء فى القرآن الكريم من العناية بالعقل والتفكير، يقول تعالى: ن. والقلم وما يسطرون (القلم ـ 1) كما قرن الله سبحانه وتعالى أهل العلم به وملائكته، يقول تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (آل عمران ـ 18).
القرآن الكريم وهو دستور الكيان السياسى فى هذه المرحلة ـ دولة المدينة المنورة ـ جاء ليؤكد أهمية مناهج الاستدلال العقلى التى يتحدث عنها الخطاب النهضوى المعاصر، وهو دستور يدعو إلى التفكير والتأمل، والقرآن الكريم يحث المؤمن على استعمال العقل إلى أقصى حد مستطاع، ويشيد بمن يستعمله، ويعمل فكره فى النظر والتدبر، واستخلاص البراهين والنتائج من المعلومات التى تتوافر لديه من الأمور الدينية والدنيوية. يقول الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب (ص ـ 29)، ويقول تعالى: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (العنكبوت ـ 43).
كل هذه التعاليم الدينية التى جاء بها القرآن وافقت الرؤى السياسية لدى أبناء البيئة العربية المتشوقة للحرية وإعلاء العقل، والناقمة على الفقر والجهل والوثنية، والرق، والظلم الطائفى والتمييز القائم على الاقتصاد، لذا من الصعوبة أن يتتبع باحث ما أية حركات مناهضة إزاء هذا الكيان الإسلامى بالمدينة، اللهم ما أثاره الكفار واليهود من قلاقل وفتن ومشكلات تتعلق بمركزهم الاقتصادى والتجارى، رغم أن الإسلام أقرّ قاعدة فضلى وهى الجمع بين العبادة والعمل، وهى قرينة أساسية فى أى كيان سياسى ناجح، حيث جاءت الدعوة إلى السعى والعمل مقرونة بالصلاة، فبعد أداء الصلاة وهى الجانب الروحى يجب على المسلم السعى إلى عمله، وهو الجانب المادى، مما يحدث التوازن فى حياة الإنسان، يقول الله تعالى: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله (الجمعة ـ 10).
والمستقرئ للحظة التعانق بين الدينى والسياسى يلمح أن الدستور الدينى وهو القرآن الكريم استطاع أن يحقق كافة مطالب المنتمين إليه، فكما منح القرآن راحة النفس والطمأنينة للمتعبدين والقائمين والركع السجود وأنشأهم على الطاعة والقناعة، منح الطامحين سياسياً إلى الارتقاء والصعود السياسى، ولولا هذا ما كنا قد قرأنا عن اجتماع المسلمين فى سقيفة بنى ساعدة لتولية خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ورغم هذه التجربة الرائدة فى المزج بين الدينى والسياسى، إلا أنه لا يزال المنظرون والسياسيون يعقدون عزمهم على تحديد إجابة لسؤالهم الملح: من يسبق الآخر؟ وكأن لحظة السبق تلك هى التى ستمنح فرصة الأفضلية، أو بيان الدور الريادى لكلا الظاهرتين. و
تجربة الدولة فى الإسلام كانت أكثر من ناجحة ظهر ذلك من خلال وفاء الخلفاء الراشدين الأربعة بعملية التعانق والمزج بين السياسى والدينى دونما خلل، لذا لم نقرأ سطراً واحداً فى كتب التأريخ الإسلامى منذ بداية تكوين الكيان الإسلامى السياسى بالمدينة وحتى مقتل الإمام على بن أبى طالب (رضى الله عنه) عن أى حرج سياسى مصدره الدين الإسلامى، بل كان الإسلام وقتها باعثاً قوياً ومكيناً للتمكين والاستخلاف فى الأرض ومن ثم إعمارها.
لكن ما غاب عن بعض المنظرين السياسيين المعاصرين ورواد الخطاب النهضوى العربى أن لحظة السياسة ينبغى لها أن تسبق لحظة الدين، فهو فى نظر بعضهم يعنى النزوع وراء سطوة الحداثة ورفض التراث بجملته، وهذا مخالف تماماً لطبيعة الكلمة والدلالة. إلا أن النهضة والنهضوى والاستنهاض وكل الكلمات المنحوتة من لفظة نهض لا تعنى تقويض البناء القائم على التعليم الدينية مطلقاً، بل هى إشارة عميقة إلى هضم التراث وتناوله بالتحليل وجعله منطلقاً وقوياً للبناء والاستعلاء المستقبلى.
وفى خضم التصارع الفكرى فى الخطاب العربى النهضوى بين الدينى والسياسى، راح يبحث أنصار كل فئة عن الدور الريادى لكل منهما، وإثبات من الأقوى فى تشكيل هوية المواطن، لذا فرغ الشباب من الدين، وفرغت العقول من السياسة، لأنهم افتقروا إلى تواجد وتعايش سلمى بينهما، وصار الفرد يبحث عن رمز مطلق للسلطة الزمنية والروحية، متغافلين فى ذلك تاريخية الإسلام الذى جاء بقرآنه ليتفاعل مع السياسة، لذا فالسؤال الذى طرحناه مسبقاً: هل الدين والسياسة لحظتان متعاقبتان؟، الإجابة بالنفى فكلاهما لحظتان مترابطتان.
jeudi 1 septembre 2011
جندب بن جنادة الغفاري.....من اوائل الأشتراكيين في عصر الأسلام الأول!
جندب بن جنادة الغفاري... أبو ذر الغفاري...من اوائل الأشتراكيين في عصر الأسلام الأول! فهو شيوعي على سجيته، غذاه وعلمه الأمام علي ع عليها! أمتنع عن مبايعة كل الولاة بما نسميهم خلفاء راشدين!؟ وأكره على بيعة أبي بكر! رفض كل الأموال التي بذلت له في سبيل تغيير رأيه او كتم أفكاره! أعترض على سيرة الحكام في بيت المال!! نفوه للشام ثم أعيد الى دولة الحكام... فكتب عثمان " ان يحمل من الشئام الى المدينة على قنب يابس وأن يعنّفوا به السير"... ففعل معاوية! وصل المدينة بعد أن تسلخ لحم فخذيه ثم نفاه عثمان الى الربذة... فبقي هناك حتى مات قهرا وفقرا وذلا... لكنه في صحائف التاريخ شهيد الحق شهيد الربذة.
قال محمد ص :" يا أبا ذر، أكتم هذا الأمر، وأرجع الى قومك! فاذا أبلغك ظهورنا، فأقبل"
فقال:"والذي بعثك بالحق، لاصرخن بها بين أظهرهم"
أنه كلمة الحق والسيف الذي أشهر من أجل الفقراء "عجبت لمن يدخل بيته ولايجد رغيف خبز كيف لايشهر سيفه ويقاتل" أنه أبا ذر المصلح الأجتماعي، أراد محاربة السلطة الباغية بالطرق السلمية...وهكذا ديدن الشيوعي العراقي حين نزل من الجبل العراقي بعد الأحتلال! ووضحت الروؤيا...وضع زهرة النرجس في فوهة بندقيته الى حين! وقال للنصير الشيوعي هيا الى العمل والبناء لفكر الانسان العراقي فلقد همشه الطغاة والآن يمر بتهميش جديد ربما يصل للمسخه! فهيا يارفاق امشقوا قلمكم وصوتكم لبناء الأنسان العراقي لفجره الجديد! اذا لم تبني من داخلك المحبة والديمقراطية كيف تطبقها!؟ فأخذ يشرح مواقفه المستنده على الواقع الموضوعي والفلسفة الماركسيةوتجربته الذاتية وعبر ودروس الآخرين! والنضال من أجل وطن حر تعددي موحد وشعب يأكل لقمته هنيئة بسعادة في غدا عراقي جديد! هذا أبو ذر العصر الشيوعي العراقي...ولهذا كان يدعو الى قوت الشعب وعدم التبذير في المال العام!! فكيف من يسرقه ويأكل السحت الحرام! لم يرق لمعاوية ولحكامنا هذا الكلام!!؟؟
كان أبا ذر يعتقد أنه لايجوز لمسلم بأن يكون له في ملكه اكثر من قوت يومه وليلته...مستندا على الآية الكريمة(( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب آليم)) كان أبو ذر...والشيوعي العراقي لا يزال... رمز للتضحية من أجل وطن حر وشعب سعيد، رغم كل الضغوطات الأقتصادية والأجتماعية والنفي والمقاطعة وصولا للشهادة... حارب الفساد بغير السيف، لأنه لم يرغب بأراقة دم أنسان عراقي، لكن حين فرض عليه الواجب للدفاع عن النفس عن الوطن والشعب حمل البندقية، قاتل وكأن نعم النصير المناضل القديربالفكرة الوضاءة التي تسبق ومظة الطلقة...لم يكن أباذر رجل حرب... أنه صاحب قضيته الأنسانية كأنها ثورة أجتماعية، نعم أنه الثائر الأول في صدر دولة الأسلام.... فكان يخطب في أهل الشئام فيقول: "يامعشر الأغنياء والفقراء... بشّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبههم وظهورههم"... حاول بنو أمية اتباع أسلوب التهديد والوعيد والفقر والجوع والقتل...وكان رد أبي ذر: ان الخلفاء! وبني أمية تهددني بالفقر والقتل، ولبطن الأرض أحب اليّ من ظهرها والفقر أحب اليّ من الغنى....كما حاول الخلفاء! وبني أمية نبذ أبي ذر اجتماعيا وابعاد الناس عنه(كما فعلوا مع علي ع وغيره! ولقد اصدروا فتوة بتكفيره!!؟؟) لهذا منعوا الناس من الأقتراب اليه، ووصل ان الناس كانوا يفرون منه عندما يقبل... حاولوا أعطائه الأموال بغير حق وذلك كي يتم فضحه أمام الملأ...قطع عطائه وذلك من أجل الضغط الأقتصادي عليه... ثم النفي الى الربذة وكان أبو ذر لايحب هذا المكان...فالصدق الشيوعي العراقي هو الصدق الجسور، هو جوهر حياة أبي ذر كلها...صدق باطنه وظاهره، صدق عقيدته وفكره وصدق لهجته...ولسوف يحيا صادقا لايغالط نفسه ولايغالط غيره لكنه مع الحوار البناء ولا يسمح لأحد ان يغالطه ولئن يكون صدقه فضيلة خرساء... لكن الصدق الصامت ليس صدقا عند أبي ذر...انما الصدق جهر وعلن...جهر بالحق وتحد للباطل تأييد الصواب ودحض للخطأ... الصدق الشيوعي ولاء رشيد للحق وتعبير جريء عنه وسير حثيث معه... ويرى ابو ذر الخطر!!
ان آلوية المجد الشخصي توشك ان تفتن الذين كل دورهم في الحياة ان يجمعوا المال بعد ما كانوا يريدون رضا الله!! توشك ان تفتن الذين كل رسالتهم بعد الاحتلال ان يجعلوا من الدنيا زخرفا وغرورا لامزرعة للأعمال الصالحات ان المال والدين الذي جعله الله خادما مطيعا للأنسان يوشك ان يتحول الى سيد مستبد ومع من؟ من يدعي أنه من اصحاب محمد ص الذي مات ودرعه مرهونة في حين كانت أكوام الفيء والغنائم عند قدميه ... ان خيرات أرض العراق التي ذراها الله لأهل العراق جميعا وجعل حقهم فيها متكافئا توشك ان تصير حكرا ومزية... ان السلطة التي هي مسؤولية ترتعد من هول حساب الله عليها أفئدة الأبرار، تتحول الى سبيل للسيطرة وللثراء وللترف المدمر الوبيل... ليس دوره اليوم ان يقتل...بل ان يعترض وليس السيف أداة التغيير والتقويم بل الكلمة الصادقة ، الآمنية المستبسلة، الكلمة العادلة التي لاتضل طريقها ولا ترهب عواقبها...لقد اخبر الرسول يوما وعلى ملأ من الصحابة ان الارض لم تقل وان السماء لم تظل اصدق لهجة من أبي ذر ومن كان يملك هذا القدر من صدق اللهجة وصدق الاقناع فما حاجته الى السيف؟ ان كلمة واحدة يقولها لأمضى من ملء الأرض سيوفا... وهذا هو الشيوعي العراقي في عصر الأحتلال وأذنابه! والآن الراية التي يلتف حولها الجماهير والكادحون...وأصبح لايمر بأرض بل ولا يبلغ أسمه قوما! الا أثار تسؤلات هامة تهدد مصالح ذوي السلطة والثراء... فلقد اتخذ هذا الثائر الجليل علما وكان الشعار المنقوش على العلم الأحمر سوى مكواة تتوهج جمر ولهبا فقد جعل نشيده وهتافه الذي يردده في كل مكان وزمان... وطن حر وشعب سعيد...كأنه نشيد يردده الأنس عنه بهذه الكلمات:بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة... ويوم حسابهم في الارض قريب فهل يتعضوا ممن سبقهم بالقريب طاغية العصر وأبن زانية الليل صدام المباد فهل يكفيهم دليل ووعيد!!؟؟ وهكذا يضع الآناة مكان الأنقلاب والكلمة الشجاعة مكان السيف فيترك لغة الحرب هذه ويعود للغة المنطق والأقناع فيعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط وأنهم جميعا شركاء في العراق والرزق وأنه لا فضل لأحد على أحد الا بالتقوى... وأن أمير القوم ووليهم هو أول من يجوع اذا جاعوا وآخر من يشبع اذا شبعوا ولنا في الأمام علي ع اسوة حسنة.... لقد قرر ان يخلق بكلماته وشجاعته رأيا عاما يكون له من الفطنة والمناعة والقوة مايجعله شكيمة لأمرائه وآغنيائه وما يحول دون ظهور طبقات مستغلة للحكم او محتكرة للثروة...
والرحمة لمله فاضل الرادود النجفي حين قال في أحد قصائده ... عن الشيوعي العراقي:
قال محمد ص :" يا أبا ذر، أكتم هذا الأمر، وأرجع الى قومك! فاذا أبلغك ظهورنا، فأقبل"
فقال:"والذي بعثك بالحق، لاصرخن بها بين أظهرهم"
أنه كلمة الحق والسيف الذي أشهر من أجل الفقراء "عجبت لمن يدخل بيته ولايجد رغيف خبز كيف لايشهر سيفه ويقاتل" أنه أبا ذر المصلح الأجتماعي، أراد محاربة السلطة الباغية بالطرق السلمية...وهكذا ديدن الشيوعي العراقي حين نزل من الجبل العراقي بعد الأحتلال! ووضحت الروؤيا...وضع زهرة النرجس في فوهة بندقيته الى حين! وقال للنصير الشيوعي هيا الى العمل والبناء لفكر الانسان العراقي فلقد همشه الطغاة والآن يمر بتهميش جديد ربما يصل للمسخه! فهيا يارفاق امشقوا قلمكم وصوتكم لبناء الأنسان العراقي لفجره الجديد! اذا لم تبني من داخلك المحبة والديمقراطية كيف تطبقها!؟ فأخذ يشرح مواقفه المستنده على الواقع الموضوعي والفلسفة الماركسيةوتجربته الذاتية وعبر ودروس الآخرين! والنضال من أجل وطن حر تعددي موحد وشعب يأكل لقمته هنيئة بسعادة في غدا عراقي جديد! هذا أبو ذر العصر الشيوعي العراقي...ولهذا كان يدعو الى قوت الشعب وعدم التبذير في المال العام!! فكيف من يسرقه ويأكل السحت الحرام! لم يرق لمعاوية ولحكامنا هذا الكلام!!؟؟
كان أبا ذر يعتقد أنه لايجوز لمسلم بأن يكون له في ملكه اكثر من قوت يومه وليلته...مستندا على الآية الكريمة(( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب آليم)) كان أبو ذر...والشيوعي العراقي لا يزال... رمز للتضحية من أجل وطن حر وشعب سعيد، رغم كل الضغوطات الأقتصادية والأجتماعية والنفي والمقاطعة وصولا للشهادة... حارب الفساد بغير السيف، لأنه لم يرغب بأراقة دم أنسان عراقي، لكن حين فرض عليه الواجب للدفاع عن النفس عن الوطن والشعب حمل البندقية، قاتل وكأن نعم النصير المناضل القديربالفكرة الوضاءة التي تسبق ومظة الطلقة...لم يكن أباذر رجل حرب... أنه صاحب قضيته الأنسانية كأنها ثورة أجتماعية، نعم أنه الثائر الأول في صدر دولة الأسلام.... فكان يخطب في أهل الشئام فيقول: "يامعشر الأغنياء والفقراء... بشّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبههم وظهورههم"... حاول بنو أمية اتباع أسلوب التهديد والوعيد والفقر والجوع والقتل...وكان رد أبي ذر: ان الخلفاء! وبني أمية تهددني بالفقر والقتل، ولبطن الأرض أحب اليّ من ظهرها والفقر أحب اليّ من الغنى....كما حاول الخلفاء! وبني أمية نبذ أبي ذر اجتماعيا وابعاد الناس عنه(كما فعلوا مع علي ع وغيره! ولقد اصدروا فتوة بتكفيره!!؟؟) لهذا منعوا الناس من الأقتراب اليه، ووصل ان الناس كانوا يفرون منه عندما يقبل... حاولوا أعطائه الأموال بغير حق وذلك كي يتم فضحه أمام الملأ...قطع عطائه وذلك من أجل الضغط الأقتصادي عليه... ثم النفي الى الربذة وكان أبو ذر لايحب هذا المكان...فالصدق الشيوعي العراقي هو الصدق الجسور، هو جوهر حياة أبي ذر كلها...صدق باطنه وظاهره، صدق عقيدته وفكره وصدق لهجته...ولسوف يحيا صادقا لايغالط نفسه ولايغالط غيره لكنه مع الحوار البناء ولا يسمح لأحد ان يغالطه ولئن يكون صدقه فضيلة خرساء... لكن الصدق الصامت ليس صدقا عند أبي ذر...انما الصدق جهر وعلن...جهر بالحق وتحد للباطل تأييد الصواب ودحض للخطأ... الصدق الشيوعي ولاء رشيد للحق وتعبير جريء عنه وسير حثيث معه... ويرى ابو ذر الخطر!!
ان آلوية المجد الشخصي توشك ان تفتن الذين كل دورهم في الحياة ان يجمعوا المال بعد ما كانوا يريدون رضا الله!! توشك ان تفتن الذين كل رسالتهم بعد الاحتلال ان يجعلوا من الدنيا زخرفا وغرورا لامزرعة للأعمال الصالحات ان المال والدين الذي جعله الله خادما مطيعا للأنسان يوشك ان يتحول الى سيد مستبد ومع من؟ من يدعي أنه من اصحاب محمد ص الذي مات ودرعه مرهونة في حين كانت أكوام الفيء والغنائم عند قدميه ... ان خيرات أرض العراق التي ذراها الله لأهل العراق جميعا وجعل حقهم فيها متكافئا توشك ان تصير حكرا ومزية... ان السلطة التي هي مسؤولية ترتعد من هول حساب الله عليها أفئدة الأبرار، تتحول الى سبيل للسيطرة وللثراء وللترف المدمر الوبيل... ليس دوره اليوم ان يقتل...بل ان يعترض وليس السيف أداة التغيير والتقويم بل الكلمة الصادقة ، الآمنية المستبسلة، الكلمة العادلة التي لاتضل طريقها ولا ترهب عواقبها...لقد اخبر الرسول يوما وعلى ملأ من الصحابة ان الارض لم تقل وان السماء لم تظل اصدق لهجة من أبي ذر ومن كان يملك هذا القدر من صدق اللهجة وصدق الاقناع فما حاجته الى السيف؟ ان كلمة واحدة يقولها لأمضى من ملء الأرض سيوفا... وهذا هو الشيوعي العراقي في عصر الأحتلال وأذنابه! والآن الراية التي يلتف حولها الجماهير والكادحون...وأصبح لايمر بأرض بل ولا يبلغ أسمه قوما! الا أثار تسؤلات هامة تهدد مصالح ذوي السلطة والثراء... فلقد اتخذ هذا الثائر الجليل علما وكان الشعار المنقوش على العلم الأحمر سوى مكواة تتوهج جمر ولهبا فقد جعل نشيده وهتافه الذي يردده في كل مكان وزمان... وطن حر وشعب سعيد...كأنه نشيد يردده الأنس عنه بهذه الكلمات:بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة... ويوم حسابهم في الارض قريب فهل يتعضوا ممن سبقهم بالقريب طاغية العصر وأبن زانية الليل صدام المباد فهل يكفيهم دليل ووعيد!!؟؟ وهكذا يضع الآناة مكان الأنقلاب والكلمة الشجاعة مكان السيف فيترك لغة الحرب هذه ويعود للغة المنطق والأقناع فيعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط وأنهم جميعا شركاء في العراق والرزق وأنه لا فضل لأحد على أحد الا بالتقوى... وأن أمير القوم ووليهم هو أول من يجوع اذا جاعوا وآخر من يشبع اذا شبعوا ولنا في الأمام علي ع اسوة حسنة.... لقد قرر ان يخلق بكلماته وشجاعته رأيا عاما يكون له من الفطنة والمناعة والقوة مايجعله شكيمة لأمرائه وآغنيائه وما يحول دون ظهور طبقات مستغلة للحكم او محتكرة للثروة...
والرحمة لمله فاضل الرادود النجفي حين قال في أحد قصائده ... عن الشيوعي العراقي:
مثل أبو ذر الغفاري بهل عصر... لاجنه سياره ولا حواله قصر
مواويل
الربذة مستورة وعفيفه
وغصب ساقوها الجناة
للكرامة انبتت مرقد
بوحيه ترتيل الصلاة
الغفاري سور ثوره
بيرغ ايعلم الحياة
خبزه لا ينتهي طعمه
بطعم حب الامهات
الحزن وي طينه نايم
والظلم باجفانه بات
بالذبح سچينه سوده
كذبت بدمنه الدواة
من جناة لجناة.. من جناة لجناة
بثگل محموله الوصايه
وصوت اباذر سبات
من على للربذة سوره
بگاعي والراعي مات
من اباذر رساله
ساريه وراية أباة
لا فرح وامنيتي تحلم
ولا تمل مني الغزاة
ولاكحل لعيوني مرود
وشفت كل الامنيات
في خبر كان ماتن
وضيعت حلو الصفات
أمنيات أمنيات... أمنيات أمنيات
الغفاري احرامه ابيض
بالعدم شنقوه قضاة
طافت الكعبة اعل سوره
ورجعت احقاد البغاة
بالصبر ينشدني گلبي
أوزعت حب الثبات
وگالو الباچر قضيه
اثنينه انوقع سويه
راح تصدر قرارات
قرارات قرارات... قرارات قرارات
يمكن يبيعوني هلي
وانتظر حد الممات
والمواويل الحزينة
خرسه تتحدى الطغاة
لا يغني الفرح نايل
وبحه مامش للغناة
الغدر بايگنه غفله
خطكم أحمر سيئات
سيئات سيئات سيئات سيئات
آنه وانت وجسري شاهد
وصبغ دمنه الحسنات
من الطفوف ونزف يضحك
كتبت حروفه الأباة
كتبت حروفه الأباة
وطني... يا وطن
جرح سچينتك بروحي دواها
ونار الوجد باحشانه دواها
منه دايى أويه دايك دواها
تطيب جروحنه ونفرح سويه
****
شعر كامل سعدون العتابي
Inscription à :
Articles (Atom)